مِن المُلفِت كيفَ أنَنا نحنُ البَشر نُحبُ مرافقةَ الآخَرين على دروبِ الحياة، بل، وبِشكلٍ أدَق، نحنُ نحتاجُ دَوماً لِمَن يكون معنا، لِمَن يمشي معنا، وَيبقى معنا....
وأنا اتأمَّلُ بهذهِ الفِكرة، عُدتُ بِذاكرتي الى ايامِ الطفولة، الى ملاعبِ المدرسة، وكيفَ كُننا ننتظرُ صوتَ قرعِ الجرسِ لكِي نتمشى مع الأصدقاء ونَلعَبَ معاً وَنترافق معاً... الى أن دارَت رحى الحرب، وأَقفلتِ المدارسُ ابوابَها، فهَربَ مَن هَرب، وَسافرَ مَن سافر، وتَهجرَ مَن تهَجرَ، وتفرَّقَ الأصدِقاء، وأَخذَ كلُ واحدٍ مِننا يبحثُ عن رفيقٍ جديد يُكمِلُ معَهُ المَسير.
وسُرعانَ ما اتتِ المُراهَقة، وهُناك، على ذاك الطريقِ السريع، وبالرُغمِ مِن كلِ المَطباتِ والمُتغيرات، بَقتِ الحاجةُ نَفسها: "مَع مَن سَأترافق في هذا الدربِ الجديد؟!" وفي جُنونِ تِلكَ الحقبة وتحدياتِها، ومع خليطِ جمالِها ووجعِها، تَبَعْثَرَت عِلاقات، وانكَشَفَت نِياتُ قُلوب، وتَغَيَرَت وُجوه، وتَعَلَمتُ دُروس، فَأَكمَلتُ السيرَ وَحدي، بإتِجاهِ سِن البُلوغ...
وفي لمحِ البَصر، لَقَيتُني اُواجِهُ صِعاباً وَمَطباتٍ وَمَسؤولِيات، وَوَجَدتُني أَتغير ويتغير مِن حَولي مُعظم مَن مشى معي...
وَرأيتُني اتَنَقَل مِن خَيبةِ أملٍ لأُخرى، ومِن جُرحٍ لِجرحٍ أعمَق، ومِن صدمةٍ لصدمةٍ أكبر...
ولطالَما أذكُرُ انني مَشيتُ مع البعض وكأَنني وَحدي، مُتَسائِلاً "هَل هُناكَ مَن سَيَمشي مَعي هَذا الدَرب الطَوبل؟"
وبإختصار، فهناك مَن كانت رِفقَتُه لطيفة ومُسلية
وهناك مَن كانت رِفقَتُه في بعضِ الأوقاتِ مُعزية
وهناك مَن كانت رِفقَتُه تَحثُني لأَتعلمَ بعضَ الأمورِ الجديدة والمُختلفة
وهناك مَن كانت رِفقَتُه تتركُ نَفسي بِفراغٍ خالية
وهناك مَن كانت رِفقَتُه ثقيلةً ومُتعبة
وهناك مَن رِفقَتُه آلمَتني وتركَتني وَحيدا
وهناك مَن بِرِفقتِه أَضعتُ قيمتي وهَويتي الحَقيقية
وهناك، مَن رِفقَتُه جَرفَتني واقْتادَتني لأُمورٍ ليسَت بِحَميدة، فَضَلَلْتُ الطَريق وأضَعتُ الهَدَف وانحَرَفْتُ عَنِ المَسار، وَخَسِرْتُ الكَثير الكثير...
وَبَعدَ كُلِ ما اختبرتُه في مسيري، وانا واقفٌ على ناصيةِ الطريق...
هُناكَ مَن جاءَ إليَ، ناداني باسمي، وأخذَ بيميني... تَحَنَّنَ عَلَيَّ، سَمِعَني، فَهِمَني، مَسَحَ دُموعي وقَبَّل عَينَايَ..
ضَمَّدَ جِراحي وأَمسَكَ بِيَدايّ....
نعم هناك، وانا اتلوَّى مِن الآمي على مُفتَرقِ طَريقِ حَياتي، حيثُ أَضَعتُ اتِجاهي، أَتاني ذاك الذي حَسِبتُني لا احتاجُهُ، ذاك الذي ظنَنتُهُ بَعيداً عَنّي، ذاك الذي خِلتُهُ لا يفهمُني...
هُناك في ذُروَةِ فَراغي، أَطعمَني وأَسقاني، أشبعني وملاني، في ضيقي رافقَني ومِن مَخاوفي انقَذَني وحَمَاني، وَقالَ هامِساً في كياني:
"لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلَهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي." ثُمَ قال: "اتْبَعْني، سِرْ مَعي، تَعَالَ نَمشي سَويةً... إلى الأَبَدِ.."
فسمعت صوته وصرخت: "سَوِيَةً إلى الأبدِ؟!"
فَصَدَّقتُهُ، وخَبّأتُ كلامَهُ في قَلبي، وقررتُ ان اتْبَعَهُ، ثَبَتتُ انْظاري على وَجهِهِ وَمَشيتُ مَعَه، ومنذ ذلك الحين لم امشِ يوماً وَحيدا... فَيَسـوعُ دائِماً مَعي، المُحِبُّ والصَدِيقٌ ألألصَقُ مِنَ الأخِ، صَخرُ الدهورِ وَصخرَةُ قلبي... هوَ رَدَ نَفسي، طَهرني، نَقاني، شَفاني...
عَلّمني، شَدَدني وقواني، جدَدني، غيَّرَني وَهويِةً جديدةً اهداني...
يا لهُ مِن رفيق، آهٍ يا لهُ مِن اخٍ وحَبيبٍ وصَديق... حَفَرَ في قلبي كَلِمات مَحَبته، وَشَكّل في شَخصيتي وبحبِهِ سَباني.
والآن أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّه هُوَ مَعِي... عَصَاه وَعُكَّازُه هُمَا يُعَزِّيَانِنِي... أَسيرُ بِقربِه وبِسِتْرِهِ احْتَمي...
وماذا عنك، صديقي، صديقتي؟
من معك في المَسير؟ اتَعِبت مِن كُلِ ما اختَبَرْت؟ اتَحلُمُ بمَن يَحمِلك، بِمَن يُمسِكُ بيدِك ويرفعُكَ ويُرافِقك؟
إنه يَســوع، لا احدَ سِواه، يُمكنك ان تطلُبه الآن وهو سيأتي... ويمكنك ان تعرفه اكثر من خلال كلمته
ولو كنت تحتاج لمن يسمعك ويُصلّي معك، نرجو ان تراسلنا على الخاص وسوف نتواصل معك بأقربِ وقتٍ متاح...
لا تخف، فيســوع يحبُك